رُوّينا عن خواجه فريد الدين العطار - قدّسنا الله بسرّه العزيز - قال :
يروى : أنّ مجوسيّاً عاصر الشيخ بايزيد البسطاميّ - قدّسنا الله بسره السامي -
فقال له الناس : أسْلِمْ !
فقال المجوسيّ : إذا كان الإسلام ما يفعله أبو يزيد ؛ فلا طاقةَ لي به !
وإن كان ما تفعلونه أنتم ؛ فلا رغبةَ لي فيه !!
وقد عمد حضرت مولانا جلال الدين الروميّ إلى هذه القصة ؛
فأعاد صياغتها على طريقته ؛ فقال في " المثنوي الشريف " :
كان ثمّة مجوسيّ في زمن أبي يزيد ؛
فقال له أحد المسلمين ، وكان بشوشاً ميّالاً إلى المُزاح :
ماذا لو دخلت في الإسلام ؟
حتّى تظفر بالرئاسة ، وترتقي كثيراً !!
فقال المجوسيّ : إذا كان الإسلام أيّها المريد ،
هو ذاك الذي عند شيخ العالم أبي يزيد ؛
فلا طاقةَ لي عليه ، ولا قدرةَ لي على احتماله !
فهو فوق ما تقوم به مساعي الروح !!
وبالرغم من أنّني غير مؤمن بدين الإسلام ؛
لكنّني معتقدٌ جدّاً في إيمان أبي يزيد !!
وعندي إيمانٌ هو أعلى من كلّ هذا ؛
إيمانٌ لطيفٌ ذو ضياءٍ وذو بهاءٍ !!
إنّني مؤمنٌ بإيمانه في سرّي وباطني ؛
بالرغم من أن ثمّة قفلاً محكماً على فمي !!
وإذا كان الإيمان في حدّ ذاته هو ذلك الذي لديكم ؛
فليس عندي ميلٌ إليه ولا اشتهاء !!
وكلّ من يكون لديه رغبة في الإسلام ؛
عندما يرى إسلامكم يفتر وينفر !!
ذلك أنه يرى اسماً ولا يرى معنىً !!
كمِثْل ما يُطلق على الصحراءِ القَفْرِ اسمُ المفازة !!
وكمِثْل ما يُطلق على اللديغِ اسمُ السليم !!
فيتجمّدُ عشقُه لإظهار الإيمان عندما يرى إيمانكم !!!
اهـ من " المثنوي الشريف المعنوي " ( ٥ : ٣٤٨-٣٤٩ ) .
وراجع : " تذكرة الأولياء " ( ١ : ٣٦٨ ) .