الكابالا، او الصوفية اليهودية، معروفة في مختلف ارجاء العالم بفضل العديد من نجوم هوليود الذين اعتنقوا تعاليمها. ففي وقت يمكن رؤية النجمتين مادونا وديمي مور داخلتين مراكز الكابالا في هوليود وخارجتين منها، فان جذور هذا الشكل القديم من التأمل موجودة في صفد، تلك المدينة الغامضة شمال اسرائيل، والوجهة الشعبية لاتباع الكابالا.
رغم ان الوصول الى صفد من تل ابيب والقدس يستغرق ساعات عدة، فان ذلك لا يمنع مئات الآلاف عن زيارتها كل سنة، بغية الاقتراب من جذور الكابالا والصوفيين اليهود، الذين عرّفوا بها قبل 500 عام. فصفد هي اعلى مدينة في اسرائيل، اذ ترتفع نحو 900 متر عن سطح البحر. رائحة الياسمين تستقبل الزوار خلال مشيهم في المدينة القديمة التي تضم ازقة مُحافَظ عليها بعناية، وادراجا صغيرة غير متساوية. من مقبرة في الجزء السفلي، تتعرج شوارع ضيقة، وعرة، مرصوفة بالحصى، صعودا الى بيوت حجرية بلون الخوخ والمركز القديم للمدينة.
ابواب تلك المنازل زرقاء، وهو لون يرمز في الكابالا الى السماء، وفكرة انزال الجنة الى الارض. عمليا، كل حجر هنا له معنى روحي، كالمدفن الازرق لـ"هولي آري"، احد اكبر ممارسي الكابالا، او الاستحمام الطقسي اليهودي الذي يقال انه يمنح الجسد والنفس قدرات شفائية. وهذان الموقعان يتوجب على كل محبي الكابالا زيارتهما. "الكابالا موجودة هنا من آلاف الاعوام"، يقول مدير مركز "تزفات كابالا" الحاخام ايال رييس. "الكابالا تكشف عن  ناموس الخلق... كل شيء هو مثل جسد ونفس".
كابالا مصدرها الكلمة العبرية "ليكابل" التي تعني "تلقي". ووفقا للتقليد، فان الله اعطاها  الاسرائيليين القدامى في جبل صهيون مع العهد القديم. وتساعد تعاليمها في بدء عيش اكثر روحانية ومعنى، وتقدم ادوات لحياة افضل، يشرح رييس. احد اهم اهدافها، الـ"سيفيروت" او التعدادات، صفات الله العشر وهو ينزل العالم المادي ويؤثر فيه.  كل سنة، يستقبل المركز نحو 50 الف زائر، يفيد رييس، عدد منهم رجال دين، وآخرون لا انتماء روحيا لهم، واكثر من 60% اجانب. دبرا جيدايكن التي تعمل كمعالجة في سولونا بيتش في كاليفورنيا سافرت الى صفد مع عائلتها للاحتفال بـ"بار مستفا" ابنها الاصغر (اي ببلوغه). "شعرنا، عائلتي وانا، بان المدنية توحي بروحانية عميقة".
تصل تكلفة الدرس الفردي في الكابالا الى 25 دولاراً، والجماعي ما بين 125 و150 دولاراً. ويستغرق كل درس ما بين ساعة و90 دقيقة. ومع ان الديانة اليهودية هي في جذور الكابالا، "فان درس الكابالا لا يشترط يهودية المرء"، يقول رييس. وفي تقديراته ان نصف الباحثين في الكابالا في مركزه هم من غير اليهود.
لا اساور حمراء او قناني مياه الكابالا المفضلة لدى نجوم هوليوديين متوافرة للبيع في المركز. لكن يمكن ايجاد تمائم وحجارة للحماية الروحية. وتراوح الاسعار من 3 دولارات لـ"مدونة النفس/الكون" مطبوعة، الى 40 دولاراً لقلادة رسالة بالعبرية. على الرفوف، وضعت النصوص التأسيسية للكابالا، "الزوهار" الذي يحتوي على شرح روحي للكتابات البيبلية، ويتوجب على كل طلاب هذا النظام ان يملكه.  
بالسير في ارجاء صفد، من السهل استكشاف اصول الصوفية اليهودية والتعلم عن الحكماء الذين انتقلوا اليها قبل 500 عام، والذين لا تزال تعاليمهم تشكل اساس فلسفة الكابالا اليوم. في اوائل القرن السادس عشر، تعرض عدد من اليهود للطرد من اسبانيا على يد محاكم التفتيش، ووجدوا حياة جديدة في صفد. وبعد مدة قصيرة، تحولت المدينة منطقة جذب لحكماء الكابالا، مثل الحاخامات اسحق لوريا وشايم فيتال وموشي كوردوفيرو وايلياهو دو فيداس.  ولا يمكن جولة الكابالا ان تُسقِط الـ"آري ميكفيه"، وهو استحمام طقسي في ينابيع مياه طبيعية، يقال انها تمنح قوى خاصة. ولبلوغه، تجب العودة الى المقبرة بصفوفها الطويلة من المدافن. تلك التي لُوِّنت بالازرق اللامع، تخص اهم الحاخامات وحكماء الكابالا. فوق المقبرة، يقع الـ"آري ميكفيه". وتقول الاسطورة ان احد حكماء الكابالا الاكثر تبجيلا كان يستخدمها. ويفيد رييس ان عشرات الآلاف ينزلون الى الماء كل سنة، حتى ان عددا من الزوار الذين شفوا تماما يصلون بالهليكوبتر، وينزلون الى الماء ثم يغادرون. كذلك نظم زيارات خاصة لعدد من المشاهير، لكنه آثر عدم الكشف عن اسمائهم.
الحاخام اسحق لوريا الملقب "آري"، او الاسد، عاش في صفد في القرن السادس عشر، ويعتبر احد اهم وجوه الكابالا، وقائدا روحيا ادخل رؤى جديدة في درس الصوفية اليهودية. كُنَيّسان قديمان في صفد يحملان اسمه، بما فيه كنيس اشكينازي آري، حيث اعتاد الصلاة السبت. قرون عدة مرت على موته، لكن مئات الآلاف لا يزالون يحجون كل سنة للصلاة عند قبره الذي جعل على منصة خاصة تبرزه بين بقية المقابر عند منحدر هادىء اسفل المدينة القديمة. "عندما يتعلم المرء الكابالا، تؤثر على حياته كليا... وكل شيء تصير له رؤية مختلفة"، يقول الاستاذ في مركز الكابالا دوران تال.