غيلان الدمشقي.. الثائر من أجل العدالة

غيلان الدمشقي.. الثائر من أجل العدالة | جريدة القبس

تم النشر في 2011/08/26

إعداد صالح السعيدي:

الحدث التاريخي هو نواة التاريخ وسبب قيامه، والتاريخ في صفحاته متعدد الاتجاهات، والابطال هم الذين يصنعون تاريخهم، ومثلما وجد أبطال من الملوك والأمراء والقادة والفرسان والشعراء من الرجال والنساء الذين أوفاهم التاريخ والمؤرخون حقهم ونالوا مكانتهم المميزة في الذاكرة الشعبية، وشاعت سيرهم وحفظت أخبارهم في سجلات المؤرخين وعند الخاص والعام، فان كثيرين غيرهم من المغمورين في التاريخ الذين لا يقلون عن هؤلاء بطولة وتأثيراً لم يأخذوا حقهم في الشهرة في الذاكرة الشعبية ولم تنل سيرهم وأفعالهم حظها في الذيوع، او ان انتشارها ظل محصورا في إطار مكاني محدود وفي افق معرفي ضيق.

وقد يكون مرد ذلك لعدة أسباب منها طغيان أحداث كبرى واشتهار شخصيات أخرى في زمنهم مما كانت شهرتها على حساب، أو سقوط إمكانهم ومناطقهم في دائرة الإهمال والنسيان لبعدهم عن مواطن الحضارة ومراكز المعرفة. ولا يعني ذلك أنهم مجهولون تماما فقد يكون هؤلاء المغمورون معروفين لدى أهل العلم من المتخصصين والباحثين او يكونون مشهورين في بلدانهم او طوائفهم او جماعاتهم، لكن سيرتهم لم تتجاوز الإطار الجغرافي أو الزماني الذي صنعوا أحداثه. ومن اجل هؤلاء الأبطال المغمورين في التاريخ نقدم هذه السلسلة.

هو غيلان بن مسلم الدمشقي، اختلف في اسم أبيه. عاش غيلان بدمشق التى نُسب إليها، بقرب أحد أبواب دمشق (باب الفراديس) فى زقاقٍ فقير، وكان حسبما ذكر ابن بطة العكبري قبطياً، فأسلم. درس على الحسن بن محمد بن الحنفية بن علي بن ابي طالب في المدينة، وكان من الوعاظ والكتاب والخطباء المفوهين، وكان صاحب مدرسة فقهية سميت «الغيلانية».

يروي المؤرخ البغدادي أن الحسن بن محمد بن الحنفية كان يقول عن غيلان إنه «حجة الله على أهل الشام ولكن الفتى مقتول...».

وقال عنه المؤرخ الذهبي وهو احد رموز المدرسة السلفية التقليدية «غيلان بن غيلان المقتول في القدر. ضال مسكين».

كان غيلان يقود المعارضة ضد الأمويين في الشام، وكان ينتقد الدولة الأموية وسياساتها الاجتماعية والاقتصادية والمالية، فضلا عن عقيدتها الجبرية المعادية للحرية، والتي كانت تتأسس عليها شرعيتها. وينسب إليه دور أساسي في نشر فكر تنويري واجه به إيديولوجيا الجبر الأموي وإيديولوجيا التكفير (الخوارج).

واستطاع أن يستقطب أتباعا كثيرين من مختلف الأوساط، بما في ذلك حاشية الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي كان قد اختاره مؤدبا لولده سعيد.

صراع فكري

في خضم الحرب الأهلية التي أعقبت الصراع الدموي على الخلافة وانقسام المسلمين إلى طوائف وأحزاب مختلفة كل واحدة تدعي أحقيتها في الوصول إلى السلطة، مستخدمة في سبيل ذلك كل الوسائل الممكنة، اندلع صراع فكري يستخدم الدين لتبرير المعتقدات السياسية. فقد روج الأمويون لمفهوم القضاء والقدر والإرادة الإلهية، في حين تبنى الشيعة مفاهيم الوصية والعصمة، أما الخوارج فقد واصلوا تنفيذ منهج التكفير والمقاومة المسلحة، كما ظهرت تيارات أخرى مثل الأشاعرة، القدرية، الأوائل، والمرجئة والمعتزلة.

في ذلك العصر كان الكثير من العلماء والفقهاء يشترطون «القرشية» للحكم، وكان غيلان يرفض ذلك الشرط فهي عنده ليست شرطا للإمامة، بل تصلح لغير قريش، وكل من كان قائما بكتاب الله والسنة كان مستحقا لها. وهي لا تثبت إلا بإجماع الأمة ويلتقي معه في هذا الرأي الخوارج الذين رفضوا فكرة القرشية.

وقامت الغيلانية بنشاط سياسي مهم ضد الأمويين، وفي عاصمتهم دمشق بالذات التي كان يسكنها غيلان، واستمر غيلان يحرض الناس على الاُمويين وأنصارهم في استنكار مقولتهم الجبرية، حتّى أحسّ أنّهم طلبوه، فهرب منهم.

عمر بن عبد العزيز يحاور غيلان

مع تولي الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز طرأ تغير جوهري على العلاقة بين الدولة الأموية والجماعات المعارضة، فبعدما كان السيف هو أسلوب الحوار بين الطرفين، اتبع الخليفة العادل عمر بين عبد العزيز أسلوب الحوار والمجادلة الكلامية مع الفرق المعارضة، ولم يستثن في ذلك حتى اشد الجماعات تطرفا وهم الخوارج، الذين استقبل عمر بن عبد العزيز موفديهم وحاورهم.

فلمّا رأى غيلان من الخليفة الجديد عدلاً كتب إليه كتاباً يذكّره فيه ويعظّم عليه مقولة سَلَفه.

فاستدعى الخليفة عمر بن عبد العزيز غيلان لشيء بلغه في القدر، وقال له: يا غيلان بلغني أنك تتكلم في القدر.

قال غيلان: يُكْذَبُون عليَّ يا أمير المؤمنين، يقال عليَّ ما لا أقول.

قال: ما تقول في العلم؟

قال: نفذ العلم.

قال: أنت مخصوم، اذهب الآن فقل ما شئت. يا غيلان، إنك إن أقررت بالعلم خصمت، وإن جحدته كفرت، وإنك إن تقر به فتخصم، خير لك من أن تجحد فتكفر.

ثم قال له: أتقرأ «يس»؟ فقال: نعم.

قال: اقرأ. قال: فقرأ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إلى قوله: لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «يس: 1-7». قال: قف كيف ترى؟ قال: كأني لم أقرأ هذه الآية يا أمير المؤمنين. قال: زد. فقرأ: إِنا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وجَعَلنَا مِن بين أيديهم سدا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ «يس: 8-9». فقال له عمر: قل وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ «يس:9-10». قال: كيف ترى ؟. قال: كأني لم أقرأ هذه الآيات قط، وإني أعاهد الله أن لا أتكلم في شيء مما كنت أتكلم فيه أبداً. قال: اذهب. فلما ولىَّ قال: اللهم إن كان كاذباً بما قال فأذقه حر السلاح. قال: فلم يتكلم زمن عمر،

رد المظالم

استعان الخليفة بغيلان الدمشقي في تطبيق إصلاحاته السياسية والاقتصادية، وفي تصفية الأموال التي صادرها من أسرته الأموية وردها لبيت مال المسلمين. وعرض عليه الخليفة عمر اختيار منصبه، فطلب منه أن يتولى «بيع الخزائن ورد المظالم» وهو اختيار له مغزاه. إنه لم يختر لا الولاية ولا القضاء بل اختار وظيفة ليس فيها مكاسب وإنما رد المظالم، أي إنصاف الذين ظلمهم الولاة والقضاة.

وقام غيلان بجمع الممتلكات المنهوبة من بيت المال من يد الأمراء والوزراء والكبراء، ووضعها في مزاد عام، حيث وقف ينادي الناس ويقول: تعالوا إلى متاع الخونة تعالوا إلى متاع الظلمة، تعالوا إلى متاع من خلف الرسول في أمته بغير سنته وسيرته.

وكان فيما نادى عليه جوارب حرير فبلغ ثمنها ثلاثين ألف درهم وقد ائتكل بعضها، فقال غيلان: من يعذرني ممن يزعم أن هؤلاء كانوا أئمة هدى وهذا يئتكل والناس يموتون من الجوع...

انتقام هشام بن عبد الملك

وصلت هذه العبارات العنيفة إلى مسامع هشام بن عبد الملك (الذي سيصبح خليفة بعد وفاة عمر بن عبد العزيز وخليفته يزيد بن عبد الملك) فقال: هذا يعيبني ويعيب آبائي، والله إن ظفرت به لأقطعن يديه ورجليه.

ولسوء حظ غيلان والأمة بأكملها لم يطل عهد عمر بن عبد العزيز، فتوفي بعد عامين ونصف من حكم عادل أعاد للدولة دورها الحقيقي كضامن للعدل بين الناس.

بعد تولي هشام بن عبد الملك السلطة هرب غيلان إلى أرمينية واخذ ينشر عيوب الخليفة هشام وأخبار ظلمه وظلم بني أمية الذين يزعمون أنهم يحكمون بقضاء من الله وقدره، وأنه لا مهرب من القضاء والقدر.

فأمر الخليفة هشام بإحضار غيلان وحبسه، استعدادا لقتله. وأرسل الخليفة إلى الإمام الاوزاعي في بيروت للقدوم الى العاصمة دمشق ليناظر غيلان ويكفره.

ولما حضر الأوزاعي قال له هشام: يا أبا عمر ناظر لنا هذا القدريّ.

فقال الأوزاعي مخاطباً غيلان: اختر إن شئت ثلاث كلمات وإن شئت أربع كلمات وإن شئت واحدة.

فقال غيلان: بل ثلاث كلمات.

فقال الأوزاعي: أخبرني عن الله عزّ وجلّ هل قضى على مانهى؟

فقال غيلان : ليس عندي في هذا شيء.

فقال الأوزاعي: هذه واحدة. ثمّ قال: أخبرني عن الله عزّ وجلّ أحال دون ما أمر؟

فقال غيلان: هذه أشدّ من الأولى، ما عندي في هذا شيء.

فقال الأوزاعي: هذه اثنتان يا أمير الموٌمنين، ثمّ قال: أخبرني عن الله عزّ و جلّ هل أعان على ما حرّم؟

فقال غيلان: هذه أشدّ من الأولى والثانية، ما عندي في هذا شيء.

فقال الأوزاعي: هذه ثلاث كلمات. فأمر هشام فضربت عنقه. ثمّ إنّ هشاماً طلب من الأوزاعيّ أن يفسّر له هذه الكلمات الثلاث. فقال الأوزاعي: أمّا الأوّل فإنّ الله تعالى قضى على ما نهى، نهى آدم عن الأكل من الشجرة ثمّ قضى عليه بأكلها. أمّا الثاني فإنّ الله تعالى حال دون ما أمر، أمر إبليس بالسجود لآدم ثمّ حال بينه وبين السجود، وأمّا الثالث، فإنّ الله تعالى أعان على ما حرّم، حرّم الميتة والدم ولحم الخنزير، ثمّ أعان عليها بالاضطرار...

ويروي المؤرخ ابن عساكر، أن الخليفة قال لغيلان فى مجلس الخلافة : مُدّ يدك. فمدَّها، فضربها بالسيف فقطعها، ثم قال: مُدَّ رجلك. فقطعها بالسيف.

وبعد حين مَر به رجل والذباب على يده (المقطوعة) فقال له: يا غيلان، هذه قضاءٌ وقَدَرٌ! فقال: كذبتَ، ما هذا قضاءٌ ولا قَدَر. وصلبه على باب كيسان في دمشق لكن غيلان استمر في انتقاد الأمويين حتى وهو مصلوب فأمر هشام بقطع لسانه، فمات.

6 responses
هذه المُهاترةُ أُنموذجٌ عن محاكم التفتيش القروسطية في السلطة الإسلامية !!!
ليس في كلّ هذه التراجيدية إلاّ مُمَاحكة على شكل محاكمة ؛ أفضت بإمضاء نزوةٍ متغطرسةٍ ؛ في عباءةِ الحاكم المتألّهِ !!!
ويكفي أن نعيد على الأوزاعيّ طرح أسئلته على نحوٍ يفهمه هشام البادي في صورة المرتبك ؛
والذي أقرّ بجهلهِ ؛ فكان أضلَّ من حمار أهلهِ !!!
أقول للأوزاعيّ : إليكَ هذه الأسئلة :
السؤال الأول : أخبرني عن الله تعالى ؛ هل نهى عمّا أمر به ؟!
السؤال الثاني : أخبرني عن الله تعالى ؛ هل أمر بما أَحَالَ دونه ؟!
السؤال الثالث : أخبرني عن الله تعالى ؛ هل أَحَالَ دون ما نهى عنه ؟!
أين من يُجيب عن إمام أهل الشام ؟؟؟
وأين من يُنافح عن جبريّته ؟؟؟
وأين المُعتقدون بحبريّته ؟؟؟!

لا يحسن بنا التسرع والحكم على إمام مجتهد، مثل الأوزاعي رحمه الله، قد يكون من الأولياء، بناء على مقالة كتبها صحفي في جريدة.<o:p></o:p>

<tr><td width="107">

<o:p></o:p>

</td><td width="375">

Mohamad Akra<o:p></o:p>

CEO<o:p></o:p>

Banan Information Technologies<u><o:p></o:p></u>

Phone : +249 (1) 8533-4776<o:p></o:p>

Fax :   +249 (1) 8533-8655<o:p></o:p>

</td></tr>

From: Posterous [mailto:

هذه المحاكمة وردت في العقد الفريد و تاريخ دمشق ناهيك عن كتب العقيدة التي عنونتها باسم التشفي من القدرية أمثال غيلان. هلّا سألنا انفسنا ماذا لو كان الولي او القطب غيلان ؟ بل دعك من دعوى ولاية غيلان. ألا يكفي انه ظُلم من سلطة غاشمة طوَّعت الدين و رموزه كأمثال الاوزاعي. و ماذا تعنينا ولاية الإمام الاوزاعي في سياق نقدنا لتاريخ انتج منظومات فكرية و عقائدية ممسوخة و مشوهة. ان شخص الإمام الاوزاعي التاريخي و الاعتباري هو عرضة للحوار و السؤال  مادام جرى إقحامه في المشروع السياسي الديني الملوث. و لنا في الحاضر انمذجة في أبواق السلطة لم نتوقف عند حقيقة ولايتها. 

أخي الكريم،<o:p></o:p>

لا أشك أن الصحفي المذكور قد نقل القصة من مصدر ما، لكن ليس كل المصادر موثوقة. ثم حتى لو تعددت المصادر فقد يكون مدارها كلها في خاتمة المطاف على راو واحد ضعيف أو مجهول. فكتب التاريخ والسير لا تتحرى في النقل ككتب الحديث.<o:p></o:p>

وإذا علمنا أن تلك المناظرات قد جرت في قصر الملك فالحضور - إن سلمنا بأن الملك ظالم غاشم - لا يعتد ينقله وروايته، فليس الوقوف على أبواب السلاطين مما يحمد من صاحبه.<o:p></o:p>

لذا ذكرت أنه يحسن بنا أن نتجنب ورطة اتهام الأشخاص ولنتكلم على المبادئ. وهذا المنهج مأخوذ من قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبا فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين). ولا أنت ولا أنا نحب أن نصبح على ما فعلنا نادمين.<o:p></o:p>

والأمر الذي ينطبق على الإوزاعي ينطبق على غيلان كذلك. فلا يحسن بالمرء أن يحكم على غيلان ابتداء لرواية أو قصة. وإنما له أن يذكر ما قال فيه علماء الرجال الذين عاصروه أو جاؤوا بعده ممن يؤخذ بتحليلهم.<o:p></o:p>

ولا أكشف سرا إن قلت أن الإمام الذهبي يعد أحد الأركان في علم الرجال. حتى قيل عنه لو أنه وقف على صخرة وعرض عليه الناس من عهد رسول الله إلى عهده لكان قادرا أن يقول: هذا فلان بن فلان، وهذا فلان بن فلان، وهذا فلان بن فلان.<o:p></o:p>

فحكمه على غيلان يشعر بأن في الرجل مقالا. طبعا لا نحكم حكما نهائيا باجتهاد الإمام الذهبي وحده. بل المنهج العلمي يقتضي تقصي أقوال عدد من العلماء فيه من مشارب مختلفة ومتباينة ومقارنة أقوالهم. فإن اجتمعت كلها على موقف واحد من غيلان ازددنا اطمئنانا إلى أن ما يقولونه فيه حق. ولكن لا نستطيع الجزم بأن الرجل في الجنة أو في النار لأن خاتمته مما لا يعرفه إلا الله. وإن اختلفت أقوالهم فزكاه بعضهم وضعفه بعضهم فنعرف أن في الأمر أقوالا وأنه يحسن بنا عدم الخوض في شخص ذلك الرجل المسمى غيلان أو في القصص التي وردت عنه.<o:p></o:p>

باختصار، القضية لا بد أن تأخذ منا حذرا أكبر إن أردنا السلامة يوم القيامة.<o:p></o:p>

والله أعلم<o:p></o:p>

<tr><td width="107">

<o:p></o:p>

</td><td width="375">

Mohamad Akra<o:p></o:p>

CEO<o:p></o:p>

Banan Information Technologies<u><o:p></o:p></u>

Phone : +249 (1) 8533-4776<o:p></o:p>

Fax :   +249 (1) 8533-8655<o:p></o:p>

</td></tr>

From: Posterous [mailto:


السلامة ... السلامة ... من منا لا يريد السلامة ... 
لكن تمييع الموضوع  لإبقاء الموروث البشع في اتهام غيلان ظلما بعيد بعيد عن السلامة.  
نعم، السلامة هي في عدم الخوض. لكنك خضت و أثبتت صحة محاكمة غيلان. أنا لم انبش حكاية غيلان من سراديب المخطوطات العتيقة، بل النت تفيض و تطفح بها. بالنسبة الى صحة المحاكمة فأحيلك الى الأخوة في جمعية المشاريع الخيرية المتميزون بسرسابهم و حرصهم الديني في تقصي الحقيقة خاصة في القضايا التكفيرية. ها هم قد نشروا رسالة الاوزاعي في غيلان الدمشقي :  http://www.a7bash.com/storyshow-307.html 
بل ما يزيد طين التاريخ بلاء أنهم اخترعوا فرقة تحت اسم الفرقة الغيلانية. هل كان تاريخ السلاطين متحريا للسلامة أم كان ممعنا في الكذب و الافتراء ؟!
سبحان الله حتى الزركلي في الاعلام أبقى على الأسن التاريخي ...
اين شهادة أستاذ غيلان الحسن بن محمد بن الحنفية :  "أترون هذا؟ .. انه حجة الله على أهل الشام (يعني بني امية) .. و لكن الفتى مقتول!" 
اين شهادة الخليفة عمر بن عبد العزيز : " من سره أن ينظر إلى رجل وهب نفسه لله ، ليس فيه عضو إلا ينطق بحكمة فلينظر إلى هذا !!"
أنا لا يعنيني الحكم في منزلة الإمام الاوزاعي عند الله بل أدعو الله ان يكون من أقطابه الأولياء فيستحق منزلة رفيعة في الجنة. لكن يعنيني العدالة و الإنصاف في محاكمة غيلان. هل الأسئلة الثلاث بل الألغاز و الأحاجي كافية لإدانة مسلم نال ثقة الخليفة الراشد الخامس ثم الحكم عليه بأبشع إعدام ؟؟
تاريخٌ نَخِرٌ كُتب من قبل الحكام الظلمة أوهن من بيت العنكبوت ...


أخي الكريم،<o:p></o:p>

رغم استفاضة قصة غيلان ومناظرة الأوزاعي له فإن فيها من العلل ما يجعلها غير مقبولة. فإن كان عجز غيلان عن الإجابة أدى إلى تكفيره وقتله، فإن استفسار هشام عن الأجوبة يعني كذلك جهله بها ويلزم منه ضرورة تكفيره وقتله!<o:p></o:p>

وفرق بين الاستفاضة والتواتر كما هو معلوم. فكم من قصة استفاضت مدارها على راو واحد، فتكون من أحاديث الآحاد ولا دلالة قطعية فيها. وأبرز مثل على ذلك ما يدعيه النصارى من صلب المسيح عليه السلام. فقد استفاضت هذه الكذبة بينهم مع أن منشأها كذب، ولم تبلغ التواتر. والله تعالى كذبهم بقوله (وما صلبوه).<o:p></o:p>

ثم إن الكلام الذي نقلته عن الحسن بن محمد بن الحنفية في حق غيلان لم يثبت، وإنما تفرد في روايته بعض المعتزلة.<o:p></o:p>

وكذلك شهادة عمر بن عبد العزيز - إن صحت - فهي عن موقفه في خلافته حيث تاب عن القول ببدعة القدر، أما بعد مماته فقد ثبت أنه عاد إلى بدعته ولحق بنهج معبد الجهني. <o:p></o:p>

والعجب أن تأخذ بقصة معلولة وبرواية أخرى ساقطة هالكة لتوثق غيلان وتضعف الأوزاعي، مع أن الأوزاعي قد زكاه الكثيرون، وشهد بفضله العديدون، ممن هم في منزلة الحسن بن محمد بل وأعلى منه.<o:p></o:p>

ولو كان الأوزاعي فعل ما فعلا طمعا بجاه أو مال أو منصب سياسي لما عاد إلى ثغور بيروت مرابطا مع تلامذته في سبيل الله، بل كان بقي في دمشق متسكعا على أبواب السلاطين.<o:p></o:p>

ولو كان ذم غيلان لأسباب سياسية محضة لوجدت علماء العصر العباسي يمدحونه، وذلك غمزا من قناة بني أمية. لكنك ترى أن كتب الرجال  لدى أهل السنة كلها اتفقت على ذم غيلان وعلى تزكية الأوزاعي على مدار العصور.<o:p></o:p>

فوضع قصة غيلان في الإطار المذكور فيه مبالغة ومجازفة،<o:p></o:p>

والله أعلم<o:p></o:p>

<tr><td width="107">

<o:p></o:p>

</td><td width="375">

Mohamad Akra<o:p></o:p>

CEO<o:p></o:p>

Banan Information Technologies<u><o:p></o:p></u>

Phone : +249 (1) 8533-4776<o:p></o:p>

Fax :   +249 (1) 8533-8655<o:p></o:p>

</td></tr>

From: Posterous [mailto: