" إلا رسول الله "...فإذا طالت الإساءة رب محمد فلا مانع، ولن تقوم الدنيا و لا تقعد، ولن تُحرق السفارات ويقتل السفراء وتنهب وتحرق المطاعم ودور السينما. لأن الإهتمام هو بالنبي محمد والشعار " إلا رسول الله "...لا غير. فالغوغائية وإيديولوجية الشغب لن تظهر إلا لنصرة النبي محمد. وأما الإهتمام بالفقراء من أمته والجوعى والمشردين والأيتام والمحتاجين، وأما الإسهام بالعلم والثقافة ودخول عصر ما بعد الحداثة ولاسيما في قطاع التكنولوجيا وعالم الإتصالات الإلكترونية فلا حاجة للغوغاء بكل ذلك.
ربما يأتي رد إشعيّا النبي على شعبه مناسباً في خضم هذه الأحداث التي شاهدناها على مر الأيام العشرة الماضية في البلدان العربية والإسلامية، باستثناء بلد الحرمين الشريفين و دول الخليج، والتي بلغت أوجها اليوم الجمعة 21\9\2012 عندما خاطبهم قائلاً: "إنه بسببكم يجدّف على اسمي بين الأمم "... ألم يكن أجدر بالمسلمين الغيارى على دينهم ونبيّهم أن يظهروا في مثل هذه الحالة الوجه الحضاري للإسلام والمسلمين خاصة فيما يسمّونه بالربيع العربي وتسلّم الإسلامويين مقاليد السلطة في هذه البلدان التي تشهد هذا الحراك! ألم يكن حريٌّ بالمسلمين الغيارى على دينهم ونبيّهم أن يقدّموا صورة الإسلام المتسامح، المتفهّم للشعوب الأخرى في حرية التعبير عن رأيها مهما كان فظّاً أو فجّاً، ونقل الإحتجاج من حالة هيجان وجموح متطرف إلى إحتجاج سلمي، ينقله المسؤولون عبر الأطر الدبلوماسية لكي يصار إلى احتواء الموضوع بعيداً عن غوغائية الشارع وإيديولوجية الشغب.
لكن ههنا مفارقة للتاريخ فإن هذا الكلام يبدو بعيداً كل البعد عن واقع الحكّام الجدد، في ظل نفاقهم السياسي الإسلاموي. ففي الماضي غير البعيد كانت الإدانات الصارخة والدعوات إلى ردّ الفعل العنيف على الإساءات للنبي، فيومئذٍ كلّنا شاهد الشيخ يوسف القرضاوي وهو يتهم الدول غير المنضوية في مشروعه وغير المنضوي هو في مشروعها، كان يتّهمهم بالتخاذل و عدم الإرتقاء إلى آمال و طموحات الشعوب و تجييش الشارع إلى حد الإنفجار.
أمّا اليوم، وبعد أن أصبح هؤلاء داخل السلطة وأصبحوا يمتهنون النفاق السياسي، صرنا نرى دعوات علنية إلى التروّي والهدوء والإبتعاد عن العنف وإدانة التخريب والقتل في تصريحات علنية جوفاء، تحاول أن تخبّئ ما ينطوي تحتها من تسيّب لا يمكن أن يكون سوى متعمّد لأمن سفارات الدول وأملاك الناس العامة وتركها عرضة لإيديولوجية الشارع و غضبه.
أما آن لنا،بدل سؤالنا: " لماذا الآخر يحاربنا؟ أن نسأل: "ماذا فعلنا نحن حتى صار الآخر يعادينا "؟؟؟ فالسؤال الأول يضعنا في موقع الضّحيّة، والآخرون في موقع المعتدين والغاصبين. أما السؤال الثاني فيفرض علينا القيام بمراجعة نقدية صادقة و صريحة وجريئة فنبدأ بأنفسنا قبل البداءة بالآخرين. وهذا السؤال هو الذي يحتاج إلى الشجاعة للبدء بتأطير النقد الهادف لتفسير النصوص وتأوييلها بشجاعة حيث ينبغي الفصل بين الإسلام كحركة تاريخ والإسلام كنص، والفصل بين الإسلام التنزيلي والإسلام التفسيري والآخر التأويلي. فمن التنزيل إلى التفسير مرحلة عريضة ومنها إلى التأويل ثقافة باتت لازمة من خلال روح المعنى وليس من خلال قسرية الحرف.
ولعلّه من المناسب أن نذكّر بحكمة قديمة لبعض حكماء المسلمين وفقهائهم حيث يقول:" وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقه أكثر من ضرره ممن يطعن فيه بطريقه، وهو كما قيل: عدوّ عاقل خير من صديق جاهل"!! فكيف بجهل الكلّ وكل الجهل؟!!